رُوِیَ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْأَسَدِیَّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ
مصباح الشریعة، ص: 19
هَذِهِ الْآیَةِ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلَیْکُمْ أَنْفُسَکُمْ لا یَضُرُّکُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَیْتُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَکَ حَتَّى إِذَا رَأَیْتَ شُحّاً مُطَاعاً وَ هَوًى مُتَّبَعاً وَ إِعْجَابَ کُلِّ ذِی رَأْیٍ بِرَأْیِهِ فَعَلَیْکَ بِنَفْسِکَ وَ دَعْ عَنْکَ أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ صَاحِبُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ یَحْتَاجُ أَنْ یَکُونَ عَالِماً بِالْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَارِغاً مِنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ مِمَّا یَأْمُرُهُمْ بِهِ وَ یَنْهَاهُمْ عَنْهُ نَاصِحاً لِلْخَلْقِ رَحِیماً لَهُمْ رَفِیقاً بِهِمْ دَاعِیاً لَهُمْ بِاللُّطْفِ وَ حُسْنِ الْبَیَانِ عَارِفاً بِتَفَاوُتِ أَخْلَاقِهِمْ لِیُنَزِّلَ کُلًّا مَنْزِلَتَهُ بَصِیراً بِمَکْرِ النَّفْسِ وَ مَکَایِدِ الشَّیْطَانِ صَابِراً عَلَى مَا یَلْحَقُهُ لَا یُکَافِئُهُمْ بِهَا وَ لَا یَشْکُو مِنْهُمْ وَ لَا یَسْتَعْمِلُ الْحَمِیَّةَ وَ لَا یَغْتَاظُ لِنَفْسِهِ مُجَرِّداً نِیَّتَهُ لِلَّهِ مُسْتَعِیناً بِهِ تَعَالَى وَ مُبْتَغِیاً لِوَجْهِهِ فَإِنْ خَالَفُوهُ وَ جَفَوْهُ صَبَرَ وَ إِنْ وَافَقُوهُ وَ قَبِلُوا مِنْهُ شَکَرَ مُفَوِّضاً أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ نَاظِراً إِلَى عَیْبِهوَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ ص لِعَلِیٍّ ع یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى حَمَّلَنِی ذُنُوبَ شِیعَتِکَ ثُمَّ غَفَرَهَا لِی وَ ذَلِکَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- لِیَغْفِرَ لَکَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِکَ وَ ما تَأَخَّرَ «3» وَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى عَلَیْهِ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلَیْکُمْ أَنْفُسَکُمْ «4» قَالَ النَّبِیُّ ص یَا أَیُّهَا النَّاسُ عَلَیْکُمْ أَنْفُسَکُمْ لا یَضُرُّکُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَیْتُمْ «5» وَ عَلِیٌّ نَفْسِی وَ أَخِی أَطِیعُوا عَلِیّاً فَإِنَّهُ مُطَهَّرٌ مَعْصُومٌ فَلا یَضِلُّ وَ لا یَشْقى ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ- قُلْ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَیْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَیْکُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِیعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ «6»
وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ- یُرِیدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَیْکَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَیْءٍ- وَ ما مِنْ حِسابِکَ عَلَیْهِمْ مِنْ شَیْءٍ- فَتَطْرُدَهُمْ فَتَکُونَ مِنَ الظَّالِمِینَ فَإِنَّهُ کَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا- أَنَّهُ کَانَ بِالْمَدِینَةِ قَوْمٌ فُقَرَاءُ مُؤْمِنُونَ- یُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَرَهُمْ أَنْ یَکُونُوا فِی الصُّفَّةِ یَأْوُونَ إِلَیْهَا، وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَتَعَاهَدُهُمْ بِنَفْسِهِ- وَ رُبَّمَا حَمَلَ إِلَیْهِمْ مَا یَأْکُلُونَ، وَ کَانُوا یَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَیَقْرَبُهُمْ وَ یَقْعُدُ مَعَهُمْ وَ یُؤْنِسُهُمْ- وَ کَانَ إِذَا جَاءَ الْأَغْنِیَاءُ وَ الْمُتْرَفُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ- أَنْکَرُوا عَلَیْهِ ذَلِکَ وَ یَقُولُونَ لَهُ اطْرُدْهُمْ عَنْکَ فَجَاءَ یَوْماً رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَدْ لَزِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ رَسُولُ اللَّهِ ص یُحَدِّثُهُ، فَقَعَدَ الْأَنْصَارِیُّ بِالْبُعْدِ مِنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص تَقَدَّمْ فَلَمْ یَفْعَلْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص لَعَلَّکَ خِفْتَ أَنْ یَلْزَقَ فَقْرُهُ بِکَ- فَقَالَ الْأَنْصَارِیُّ اطْرُدْ هَؤُلَاءِ عَنْکَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ «وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِیِّ- یُرِیدُونَ وَجْهَهُ ... إلخ
93- و روى الثعلبی باسناده عن عبد الله بن مسعود قال: مر الملاء من قریش على رسول الله صلى الله علیه و آله و عنده صهیب و خباب و بلال و عمار و غیرهم من ضعفاء المسلمین، فقال:
یا محمد أرضیت بهؤلاء من قومک أ فنحن نکون تبعا لهم؟ أ هؤلاء الذین من الله علیهم اطردهم عنک فلعلک ان طردتهم اتبعناک، فأنزل الله: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ الى آخره. و قال سلمان و خباب فینا نزلت هذه الایة، جاء الأقرع بن حابس التیمی و عیینة بن الحصین الفزاری و ذووهم من المؤلفة قلوبهم، فوجدوا النبی صلى الله علیه و آله قاعدا مع بلال و صهیب و عمار و خباب فی ناس من ضعفاء المؤمنین فحقروهم، فقال: یا رسول الله لو نحیت هؤلاء عنک حتى
تفسیر نور الثقلین، ج1، ص: 721
نخلو بک فان و فود العرب تأتیک، فنستحی أن یرونا مع هؤلاء الا عبد، ثم إذا انصرفنا فان شئت فأعدهم الى مجلسک فأجابهم النبی صلى الله علیه و آله و سلم الى ذلک، فقالوا له: اکتب لنا بهذا على نفسک کتابا فدعى بصحیفة و أحضر علیا علیه السلام لیکتب، قال و نحن قعود فی ناحیة إذا انزل جبرئیل علیه السلام بقوله: «وَ لا تَطْرُدِ الَّذِینَ یَدْعُونَ» الى قوله: «أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاکِرِینَ» فنحى رسول الله صلى الله علیه و آله الصحیفة و أقبل علینا و دنونا منه و هو یقول: کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ و فی هذا دلیل واضح على ان فقراء المؤمنین و ضعفائهم أولى بالتقدیم و التقریب و التعظیم من أغنیائهم، و لقد قال أمیر المؤمنین علیه السلام: من أتى غنیا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دینه.